| |
| |
|
| | من ادب مقاومة الاحتلال الامريكي للعراق// كتاب تجار الفحم / 15-الطعام 16-معنويات 17-الارث 18-مداهمة 19-اعتذار 20-السكران | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
|
عضو جديد
تاريخ الميلاد : 01/07/1967 عدد المساهمات : 6 العمر : 57
| موضوع: من ادب مقاومة الاحتلال الامريكي للعراق// كتاب تجار الفحم / 15-الطعام 16-معنويات 17-الارث 18-مداهمة 19-اعتذار 20-السكران الإثنين 12 مارس 2012, 1:56 pm | |
|
الطعام كنت جائعا جدا ، فرشت الجريدة المصورة ، كانت وجبتي أشلاء عراقية طازجة ، قلبت الجريدة على ظهرها فتحولت الوجبة إلى أوان من مربعات ومستطيلات محشوة بألوان الكلام الكاذب، نهضت وجئت بصحنين من الطعام ونصف رغيف ، حاولت أن أغطي بها الوجبة الفاسدة إلا أن زَناخَةَ الأشلاءِ المُختَمِرَةِ من تحت الجريدة طغت على نكهة الهواء والماء والخبز والرز والمرق ، صعدت رغوة مهتاجة حتى سقف فمي فتجشأت نشيجاً ودموعاً حَرَّى ، وشعرت بعد ذلك بشبع كامل على الرغم من أنني لم أمس الطعام .
معنويات عبثاً ، وضياع وقت ، وخسران جهد ما يقوم به النقيب ((وارنر)) أمام فصيله ((فصيل الإقتحام)) الذي ودع أمس جثمان العريف ((ستيفن)) إلى مسقط رأسه في تكساس ، كانت الوجوه واجمة وغير مكترثة بالكلام الرخيص الذي يثرثر به النقيب عن تباشير النصر الذي يلوح وقرب إبادة ((الإرهابيين)) لأن مناسبة تأبين قتيل قد تكررت في فصيلهم بهذه الحادثة للمرة السادسة والعشرين، لقد حملت جثة ((ستيفن)) الممزقة بأثر العبوة الناسفة الرقم المناسب ببغل مثله ((26)) أما تسلسل مقتله على سجلات الجيش البربري فقد يكون مثلا (( 10545)) كما حلا لجندي المارينز منهار المعنويات ((جاك)) أن يتوقع بعد ان تجاوز السياق العسكري وداس على انضباط الجنود ليزعق في وجه ((وارنر)) الذاهل : ـ لا تكذب علينا أيها الضابط المدعي ، لقد شهد الفصيل كله تبلل سروالك العسكري عندما انفجر إطار سيارة ((الهمر)) التي كنت تستقلها .
الإرث يرحم الله ((مالك)) المواطن بلا زيادة ولكن ـ ربما ـ بنقصان ، فلا مُلكٌ صرفٌ يسكنه ، أو منصب رفيع يشغله أو نِعَم ما يتقلب فيها ، فكل ترف حياته عائلته المتماسكة ووظيفته المتدنية التي تؤمن له الكفاف بلا زيادة ولكن ـ ربما ـ بنقصان . من أول ساعات الليل حَدَسَ الإشراق ، إلا أنه غادر المشهد قبل تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ورحل . أمس عند خروجنا من المسجد راقبت ابنه البكر يرج علبة الصبغ الرشاش ليخط على وجه الجدار الأبيض باللون الأحمر البهيج ((سنحرر العراق)).
مداهمة عُرِفَ الجنديّ ((كولن)) مثل أكثر جنود المارينز بالرعونة ، لذلك كان هــو الســـبب فـي وفـاة العـجوز ((وضحة)) ، كانت وشاية مدفوعة الدولارات أوصلت الدبابات الأربع إلى البيت المتهالك فأحاطته مع الجنود الذين وصلوا بآلياتهم بإحكام ، ثم بدأ الاقتحام بتوتر وخوف شديدين يختفيان خلف الصراخ الهمجي والكلمات التي لا توجه إلى أحد ، وربما لأنهم نسوا أن يطرقوا الباب ـ هؤلاء الطيبون ـ مثلما تعلموا في مدارسهم ألغموا الباب الخارجي ثم فجَّرُوه لينكشف الدار عن حديقة مهملة تحيط بها بيبان خرمها الصدأ ، فغفل الطيبون مرة أخرى وفتحوها بالتفجير أيضاً، فكان أول الداخلين إلى الحجرة الصغيرة المظلمة الفاتح العظيم ((كولن)) ، كان يصيح بانكليزية معوجة ويوجه سلاحه إلى كتلة بشرية ضئيلة مرتعدة لا تملك إلا أن تعيد وتكرر الجملة نفسها ((أسكن في هذا البيت لوحدي)) مع كل رفسة تتلقاها إلى أن حلقت روحها المرتعشة إلى السماء فانسحَبَ ((كولن)) البطل مع ضباطه ورفاقه والدبابات والمدرعات والمصفحات والعربات إلى ثكناتهم .
اعتذار سأل الطالب ((حَقِّي)) أستاذ التاريخ الحديث عن نكبة العراق فامتعض الأستاذ بسبب طرح هذا السؤال من قبل أحد مجتهدي الصف الرابع الإعدادي ، فطفق يشرح لِحَقَّي وزملائهِ الشيء القليل وكيف أن الحدث المروع لم يمر عليه إلا ثلاثون عاما لا غير وكان الأحرى بمن لم يفهم الموضوع أن يرجع إلى أخيه الكبير أو إلى أبيه على أكثر تقدير ليفصل له الدرس بمعلومات أغنى وأدق ـ ربما ـ مما هو مذكور في الكتاب المقرر ، لكن ((حقي)) أحس بأنه قد ثـُلم من اجتهاده فبادر مستدركاً : ـ أســتاذ أنا احفظ تواريخ وأماكن وشخوص الوقائع كلها ، ولكنني لم أستطع أن أستوعب أن من قاموا بهذه الفظائع هم بشر من عندنا ؟ فرد الأستاذ بشيء من التيسير : ـ نعم للأسف هم بشر مثلنا ، إلا إن ما يوغل في الحزن أكثر أنهم من عندنا .... وأكمل الأستاذ بعد أن أحس بأن ثلاثين رأساً يافعاً بحاجة إلى أن يسمعوا منه القول الفصل ، بادر القول بهدوء : ـ علينا أن نعتذر للبشرية لأن ما حدث كان هنا عندنا .
السكران هَشَّ عن وجهه النابت حشرةً ما أطمَعَها الدَّبَقُ في وجبةٍ دسمةٍ من قذارة التعرق ، إلا إنَّ آخر ما تبقى من يقظة المستشار منعتها من أن تلج أنفه أو تعبث أكثر في اللحية المحفوفة ، كان الرجل خاملاً ليس كعادته ، ويبدو أن هذا المؤتمر الصحفي كان مفروضاً عليه في هذا الوقت ، اللفتنات ((جيري)) الذي كان يقف بجانبه كالرمح بدا مصححاً أكثرَ مِنهُ مُعقِّباً لما كان يصرح به سيادة المستشار لا سيما أن الموقف لا يسمح بأية تعبيرات خارج سياق الموضوع لدقة المرحلة كما يقولون عادة ولأن السيد المستشار هو المخول بالتفاوض نيابة عن الفصيل الذي حمل السلاح ضد هذا المحتل باسم الدين كما يقولون أيضاً ، وبعجالة لفلف اللفتنانت الغاضب حراجة الموقف وأقسم في نفسه ألا يستدعي هذا المستشار المعمم لأي نشاط تمثيلي علني بعد العاشرة مساءاً لأنه بعد هذا الوقت تكون سهرته الماجنة قد بدأت ! {.... توقيع ناشد سمير ....} | |
|
| | من ادب مقاومة الاحتلال الامريكي للعراق// كتاب تجار الفحم / 15-الطعام 16-معنويات 17-الارث 18-مداهمة 19-اعتذار 20-السكران | |
|
| |
| صفحة 1 من اصل 1 |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
| |
|