سقطت عائلة الرئيس وبقي ملف الفساد مفتوحا فايننشال تايمز: سقط مبارك... فماذا بعد؟
ملف ثروة عائلة مبارك ومتابعة القائمين على الثورة لها بعد إسقاطهم لنظام مبارك في الحادي عشر من الشهر الجاري، موضوع تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز الاثنين. حيث اعتبرت الصحيفة إن تركيز نشطاء الثورة ينصب الآن على هدف رئيسي هو إسقاط امبراطورية المال والفساد الضخمة التي أشادها النظام السابق وأعوانه خلال الثلاثين سنة الماضية، وإعادة إعمار البلاد وبنائها من جديد. وتضيف أن البداية هي ملاحقة وتعقب ثروة عائلة الرئيس التي يقدِّرها المحتجون والمقربون منهم بحوالي 70 مليار دولار، ويرى الخبراء المستقلون أن الرقم مبالغ به للغاية، طالما يعتقد هؤلاء أن ثروة مبارك وأفراد أسرته لا تتجاوز في أحسن الأحوال حاجز الثلاثة مليارات دولار. هذه التفاصيل تكشف عنها الصحيفة في تقرير لمراسليها، تشارلز كلوفر ومايكل بيل، يلقيان الضوء من خلاله على ثروة أسرة مبارك وصفقات الأراضي والعقارات التي كان يبرمها أفراد العائلة أو رجال الأعمال المقربون من النظام السابق. يقول التحقيق إن القائمين على الثورة يعكفون الآن على التدقيق بصفقات الأراضي التي أُبرمت خلال العقود الثلاثة المنصرمة التي أمضاها مبارك في الحكم، والتي تقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات، وتشمل المدن التي تم بناؤها على مشارف العاصمة القاهرة، والمنتجعات والمشاريع العملاقة على شواطئ البحر الأحمر، وفي مناطق أخرى من البلاد. وترى الصحيفة أن أي قيادة جديدة للبلاد قد تعيد النظر بالكثير من تلك العقود والصفقات، إذ ستنصب جهود الناشطين وخبراء القانون ممن شاركوا في الثورة على التدقيق بكل ملفات الفساد في البلاد، وبالتالي بإعادة رسم تلك الصفقات بناء على أسس جديدة تقوم على الشفافية والعدالة والصالح العام. تقول الصحيفة إن معظم المشاريع وصفقات الأراضي الكبرى في مصر كانت تتم بتلزيمها بشكل مباشر من قبل الحكومة لرجال أعمال لديهم حظوة لدى القيادة، ولقاء أسعار بخسة، وبدون إتاحة فرص متساوية لمنافسيهم عبر طرح تلك الأراضي والمشاريع في مناقصات عامة. وينقل التقرير عن حمدي الفخراني، وهو محامٍ في القاهرة سبق له أن تقدم بالعديد من الطعونات بعدم قانونية مثل تلك الصفقات، قوله: "كانت الأراضي تُباع بسعر دولار أمريكي للمتر المربع الواحد". ويدلل التقرير على مثل تلك الصفقات "الجائرة" بمشروعي "مدينتي" و"الرحاب" شرقي القاهرة، واللذين كانت قد طورتهما مجموعة هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال البارز والقيادي في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا، والذي يمضي حاليا عقوبة بالسجن بعد إدانته بمقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم عام 2008. ومن المسارات الهامة الأخرى التي يرى التحقيق أن الثورة سوف تدقق بها وتسعى لتصحيها أيضا، تقول الصحيفة، ملف ثروة عائلة الرئيس السابق، بما في ذلك العقارات والشركات والأرصدة في المصارف الوطنية والعالمية. ومن أهم الشركات التي ترى الصحيفة أنها ستكون محل تدقيق وملاحقة خلال الفترة المقبلة شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار "سوديك"، وهي إحدى شركات التطوير العقاري الكبرى فى مصر ويملكها والد زوجة علاء مبارك، النجل الأكبر للرئيس المصري السابق. وتنقل الفايننشال تايمز عن هشام قاسم، وهو محلل وناشر، قوله: "إن نظام مبارك كان يستخدم الأراضي كأداة ليس فقط لكسب ود حلفائه، بل من أجل التحكم بالقطاع الخاص الذي كان يخشى أن ينمو نفوذه السياسي إلى درجة تصعب معها السيطرة عليه في حال تمتع بالاستقلالية عن الحكومة". لكن أحد مدراء الصناديق السيادية، الذي تحدث إلى الصحيفة بشرط عدم الكشف عن اسمه، يحذر القائمين على الثورة من مغبة اتخاذ إجراءات صارمة إلى درجة قد يتسببون من خلالها بهروب رأس المال والمستثمرين من البلاد، إذ يقول: "عليهم تحقيق نوع من التوازن ما بين عملية لا بد من القيام بها وبين المطاردة. فإذا ما بدأوا بالمطاردة، فإن الناس قد يأخذون أموالها ويمضون بها إلى مكان آخر".